مارتن لوثر كينج، البطل الذي وقف في وجه العنصرية، والحاصل على جائزة نوبل للسلام، هو في الأساس قس وراعٍ لاهوتي، وهذا ما لا يعرفه الكثيرون. وبحسب فكر كينج، يجب على اللاهوتي أن يكون مستعداً لتغيير العالم، وتصالح الواقع البشري مع الواقع الإلهي، حيث تكون هذه المصالحة هي الغاية العظمى لصياغة الفكر اللاهوتي. وهكذا، فرغم أن الجميع يعرف الدور المجتمعي الذي لعبه كينج، إلا أن لاهوته كان هو الدافع والمحرك لمسيرته. لا يهدف هذا الكتاب لسرد السيرة الذاتية لمارتن لوثر كينج، ولكنه يضع كينج في مكانته كواحد من أهم اللاهوتيين، ويقف أمام محطات مهمة شكلت شخصيته وصاغت منظومة فكره اللاهوتي والأخلاقي. ويهدف الكتاب إلى تقديم ما يتناسب منها ويلمس واقع القارئ العربي المعاصر. إن تأثير مارتن لوثر كينج يتعدى حدود الزمان والمكان، فهو يتحدث لواقع عالمنا اليوم في مصر والشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين، كما تحدث لواقع الولايات المتحدة الأمريكية في بداية النصف الثاني من القرن العشرين. إن كلمات وأعمال مارتن لوثر كينج تتحدى قيم مجتمعاتنا اليوم، وتدعونا مجدداً إلى إعادة ترتيب الأوراق المبعثرة وجمع الأشلاء المتناثرة.