ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معًا بنفس واحدة. (أع 2: 1) ومنذ ذلك اليوم، يوم انسكاب الروح القدس على جماعة الإيمان في القرن الأول الميلادي، والمسيحيون العرب جزء لا يتجزأ من تلك الجماعة ومن نسيج هذا المشرق العريق. لذلك، تفتخر دار الثقافة بنشر هذا التفسير، الذي هو ثمرة سنوات من العمل الجاد، والذي شارك فيه 48 كاتبًا من المتخصصين في حقل دراسات الكتاب المقدس من عدة بلدان عربية، وهي: مصر، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، والكويت. هذه النخبة المتميزة جاءت من خلفيات ثقافية ودينية متعددة، فمنهم الآباء والقساوسة والرهبان والراهبات ومنهم المفكرون. جمعتهم معًا محبتهم لله وللإنسان المشرقي، ورغبتهم في تقديم تفسير للكتاب المقدس. التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس هو واحد من التفاسير المتخصصة التي ترتكز على إرثين ثقافيين ودينيين مرتبطين بهذه المنطقة من العالم، من خلال أربعة أبعاد:

أولاً: التعاطي مع النص ورسالته.

ثانيًا: إدراك كيفية ارتباط النص ومعناه بالإيمان والحياة.

ثالثًا: توضيح رسالة النص وشرحها بحيث تتوجه إلى ثقافة المجتمعات الشرق أوسطية، مع الاخذ في الاعتبار هواجسها وهمومها.

رابعاً: اعتبار القارئ جزءاً في العملية التفسيرية ' وليس مجرد مستقل للتفسير، مما ينمّي لديه القدرة على الفهم والتحليل. كما يحتوي التفسير على مقالات عامة تشمل موضوعات مرتبطة بالنص، وتتناول قضايا هامة، منها العمل الاجتماعي والسياسي والمجتمع المدني والعلم، وغيرها من القضايا التي تبني جسراً بين النص والواقع.

يهدف هذا التفسير إلى وضع الأبحاث والدراسات الكتابية في خدمة الكنيسة لتعزيز فهم الكتاب المقدس، وهو محاولة هامة على طريق الوحدة المسيحية استجابةً لدعاء السيد المسيح: "ليكونوا واحداً" (يو 17:22)، وتفعيلاً لكلام الرسول بولس: "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهباً لكل عمل صالح" (2 تي 3:16-17).